برغم بعدي النفسي الشديد عن تلك المهنة الجليلة المسماه بالطب.. إلا إني لا
انكر كم تعلمت من ملاحظتها مثلها مثل باقي المهن والتي كانت مصدر تفسير امور كثيرة
في الحياة... خاصة ما اصطلح على تسميته في
عرفها بالتشخيص...
ولكم كنت اصطدم بمعنى الكلمة خاصة حينما يقصد بها التمثيل أو تقمص الشخصيات
عموما... حتى هبطت بذلك الكوكب الموازي والذي استطاع أن يمزج المعنيان معا...
أريد من مقدمتي تلك الالتفاف حول تلك الظاهرة في تصرفاتنا اليومية من
التشخيص الدقيق والمستمر... ولكم يعشق هذا الشعب التشخيص دوما...
فهو يعلم سبب كل أمر مادامت الآراء متفقة... حتى ينتحي متواريا خلف حكمة الخالق ورؤيته
الالهية حتى لا تستطيع انت ان تقتحم اسوار تشخيصه بتفسيراتك العقيمة... ولو كانت
عميقة...
لا يمل أبدا من تكرار التشخيص... وصف الحالة... سرد مراحلها... تشخيصه
للحالة والمحٌلِل...
يستطيع في تشخيصه أن يجد كلمات تملأ ثنايا ساعاته الطوال دون ملل أو
إخلال... ممزجا إياها بالحسبنة والتهكم... يتمنى دوما لو كان في ذلك المنصب كي
يزيح الميل عمن أصابه...
دوما لديه مشكلات جاهزة لعرضها في بقايا وقته لحظات إنتظار المصعد أو
إنتظار إنقشاع ساعات العمل الطويلة حتى يأتيه قرار العفو من أمين دفتر الإنصراف...
يستطيع أن يشرح لك تلك المشكلة المتعلقة بالخبز او المواصلات أو المجاري...
دوما هناك آخرون مخطئون... مقصرون... متهاونون...
إلا أن يتحرك خطوة واحدة نحو العلاج أو البحث عنه... دوما يتوقف عند مرحلة
الوصف... ولا اتحدث هنا عن صحة او تخاذل وصفه... كل ما يعنيني هو توقف آماله عند
تلك المرحلة... كما لو كانت معكرات الحياة أكثر إمتاعا في الحديث عنها... اكثر من
حلها أو حتى التفكير في حلها...
كم من الوقت يقضيه في تأمل المشكلة دون البحث عن حلها او التعامل معها...
ولو من باب تنشيط التفكير لا غير...
قد تستشعر إنسحابي من المقال قبل أن أجد حلا... قد تتهمني أيضا اني توقفت
امام متعة التشخيص دون العلاج... ان كان ظنك بي هكذا فأهلا بك في نادي المشخصين...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق