فساد.. لا ادري تحديدا إن كانت تلك الكلمة هى اسم مصدر ام انه فعل ماضي لما "ساد" بمعنى استشرى اوتمكن..
والحقيقة ان تلك الكلمة أصبحت في أفواهنا نهارا وليلا عن احوال كثيرة نتلاقى معها.. ربما تظهر تلك الكلمة اى تعامل مع جهة حكومية أو عند نظر اى موطن ضعف في الرقابة او عند إختلال اى موازين في تعادل حقوق الأطراف..
الفساد كلمة نَتهم بها ودوما وابدا لا نظننا في إطارها أو تحت مظلتها المشينة..
فلا يوجد من يظن نفسه فاسدا أو من يواجه ذاته بتلك الحقيقة..
تجد الموظف الحكومي يتندر بصور الفساد والتجاوزات دونما مرة واحدة من احاديثة يقيّم فيها عمله بشكل يرضى أية معايير للقياس..
صورة كاملة نتلحف بها امام أيه مرآه.. او أيه آذان سامعه..
كان في القديم من الخجل أن يمدح الإنسان ذاته حيث ان المديح سوف يأتي ديناميكيا نتيجة لأعماله وسيرته ومعاملاته للآخرين..
أظن أن الامر لم يعد بذات الاحتياج من المجهود كى أصير مستحقا للمديح.. أصبحت عبارات مثل "أنا راجل محترم" تتكرر بسهولة ودون الاحساس بغربة وسط مفردات وتراكيب اللغة الدارجة.. ولم تصير افيه ضاحك مثلما قالتها الست سوسو في فيلم "أرض النفاق" حينما قالت " أنا واحده ماشية بشرفي" بل آتى الزمن الذي أصبحت فيه هذه العبارة هى الدليل على الاحترام..
وبالطبع تؤكدها تغطية المخاطب لها..
فكم من مرة يتكرر أمامي ذات المشهد أن يظل موظف يمدح في ذاته أنه لا يقبل بأيه منحه او رشوة ويثني ويؤكد المستمع على ذلك رغم ان المتحدث والمتلقي والعبار يدرون بكم ما يتلقى ذات المتلون..
بعدما نضع هذه الصورة فإننا نتخبأ خلفها بمنتهى الاريحية.. نفعل ما نشاء دونما اى واخز للضمير..
دوما يجد الموظف أنه اكبر من أن يتلقى الأوامر.. "مديري لا يعطيني أوامر فانا ادرى بشغلي" فلا يستطيع الفصل بين كون التوجيهات جزء من اجب وعمل المدير لإتمام المهام الوظيفية وبين إحتمالية ان تكون تحكم..
دوما يجد ان الكمية المطلوبة من العمل هى التي يريد أن يجود بها.. فهو يعمل مجانا ولا يعول على ذاك الراتب الهزيل والذي وغن كان هزيلا فعلا فإن قبوله الوظيفة معناه قبول تقديم المهام المطلوبة في مقابل هذا الراتب..
وبالطبع لكون الراتب هزيل (ولو لم يكن هزيل) فإن هذه المؤسسة التي ليس لها مالك أو ذاك المالك الذي يظنه دوما الموظف بأنه العدو الحقيقي له.. فإن هذه المؤسسة استطيع ان اجني منها الاموال بطريقة أخرى.. فهبات المترددين على المؤسسة هى في نظير التعب الذي يقدمه في خدمتهم.. وهى هبات صغيرة ولا يعلق العمل علي وجودها.. وبالطبع في المرات المقبلة يطلب زيادتها وسوف يعلق العمل على دفعها..
أن يكون لي أحباء في العمل ابغى ترقيتهم.. وفي سبيل ذلك أفعل كل ما يمكن لتعطيل نظرائهم.. بكل السبل من تقديم العمل ناقص لإحراجهم..
إن تعدى بالضرب والإهانة على المدير فالأمر لن يخرج عن بضعة أيام خصم.. ولكن بالطبع سوف يفكر المدير مليا قبل توجيه أية توجيهات لا تروق لسعادة الموظف.. بالطبع إلا لو كانت عائلة المدير أشرس من عائلة الموظف.. فالكفة تتبنى نتيجة مختلفة لميزان القوى..
سنوات وسنوات تمرن فيها صغار الموظفين على كيفية إدارة الامور من تحت ومن الدهاليز.. تمرنوا ومرنوا الجدد على سياق معين للعمل.. فلا إنتماء لمكان العمل.. ولا رغبة حقيقية في تنمية هذا المكان..
سنوات وسنوات أصبح يمكن فيها ان تعرف المؤسسة كاملة عن موظف "لا كبير له" برغم كل المخالفات لم يخالف لائحة واحدة.. لان اللائحة قدمت له كل الدهاليز الممكن لإدارة فساده..
ربما كانت العلة انه لايسرق مواطن.. ولكنه تدرب على السرقة وسيتجه لما يخص المواطن بصورة مباشرة..
ربما لان لوائح العمل ليست بالصبغة الدينية؟؟ ولكن إدمان التعدى لن تمنعه أسوار التعاليم الدينية من تخطيها..
ربما لكراهيتة لمسمى الحكومة.. ولكن لديه الفرصة للقيام بواجبه وليصير ما يصير..
ربما لأن عموم البشر لم ترفض الفساد بشكل جدي..
سمعنا كثيرا عن علقة ساخنة من نصيب شاب وفتاة تبادلوا القبلات او العناق (والتي كانت بإرادتهم) ولكننا لم نسمع يوما عن علقة وفضيحة تلقاها موظف حكومي لطلبة رشوة من احد المواظنين..
ربما كانت كلمة انا مالي هى السبب؟؟ ربما لأن الشكوى لا تفيد.. وكثيرا ما تكون المخالفات بعلم ومقاسمة رئيسه..
هل لأنه ليس هناك الوقت أصلا للشكوى.. بماذا سوف يعاقب موظف (إن ضرب مديره فالعقوبة مجرد خصم) على التباطؤ أو الخطأ في العمل.. ناهيك عن الآتي.. أولا لا توجد معايير حقيقية لتقييم العمل من الأساس.. ثانيا في حالة الكذب فباقي الموظفين متطوعين مقدما بالشهادةالزور.. حيث أن الزمالة هى أحدث صور القبلية..أى أن تكملة السيناريو أن أعود مرة أخرى لأستجدي مصلحتي من موظف موتور من شكواى..
كلما عادت لذهني تفاصيل جديدة فهذه المقالة موضع "الفضفضة" بها
والحقيقة ان تلك الكلمة أصبحت في أفواهنا نهارا وليلا عن احوال كثيرة نتلاقى معها.. ربما تظهر تلك الكلمة اى تعامل مع جهة حكومية أو عند نظر اى موطن ضعف في الرقابة او عند إختلال اى موازين في تعادل حقوق الأطراف..
الفساد كلمة نَتهم بها ودوما وابدا لا نظننا في إطارها أو تحت مظلتها المشينة..
فلا يوجد من يظن نفسه فاسدا أو من يواجه ذاته بتلك الحقيقة..
تجد الموظف الحكومي يتندر بصور الفساد والتجاوزات دونما مرة واحدة من احاديثة يقيّم فيها عمله بشكل يرضى أية معايير للقياس..
صورة كاملة نتلحف بها امام أيه مرآه.. او أيه آذان سامعه..
كان في القديم من الخجل أن يمدح الإنسان ذاته حيث ان المديح سوف يأتي ديناميكيا نتيجة لأعماله وسيرته ومعاملاته للآخرين..
أظن أن الامر لم يعد بذات الاحتياج من المجهود كى أصير مستحقا للمديح.. أصبحت عبارات مثل "أنا راجل محترم" تتكرر بسهولة ودون الاحساس بغربة وسط مفردات وتراكيب اللغة الدارجة.. ولم تصير افيه ضاحك مثلما قالتها الست سوسو في فيلم "أرض النفاق" حينما قالت " أنا واحده ماشية بشرفي" بل آتى الزمن الذي أصبحت فيه هذه العبارة هى الدليل على الاحترام..
وبالطبع تؤكدها تغطية المخاطب لها..
فكم من مرة يتكرر أمامي ذات المشهد أن يظل موظف يمدح في ذاته أنه لا يقبل بأيه منحه او رشوة ويثني ويؤكد المستمع على ذلك رغم ان المتحدث والمتلقي والعبار يدرون بكم ما يتلقى ذات المتلون..
بعدما نضع هذه الصورة فإننا نتخبأ خلفها بمنتهى الاريحية.. نفعل ما نشاء دونما اى واخز للضمير..
دوما يجد الموظف أنه اكبر من أن يتلقى الأوامر.. "مديري لا يعطيني أوامر فانا ادرى بشغلي" فلا يستطيع الفصل بين كون التوجيهات جزء من اجب وعمل المدير لإتمام المهام الوظيفية وبين إحتمالية ان تكون تحكم..
دوما يجد ان الكمية المطلوبة من العمل هى التي يريد أن يجود بها.. فهو يعمل مجانا ولا يعول على ذاك الراتب الهزيل والذي وغن كان هزيلا فعلا فإن قبوله الوظيفة معناه قبول تقديم المهام المطلوبة في مقابل هذا الراتب..
وبالطبع لكون الراتب هزيل (ولو لم يكن هزيل) فإن هذه المؤسسة التي ليس لها مالك أو ذاك المالك الذي يظنه دوما الموظف بأنه العدو الحقيقي له.. فإن هذه المؤسسة استطيع ان اجني منها الاموال بطريقة أخرى.. فهبات المترددين على المؤسسة هى في نظير التعب الذي يقدمه في خدمتهم.. وهى هبات صغيرة ولا يعلق العمل علي وجودها.. وبالطبع في المرات المقبلة يطلب زيادتها وسوف يعلق العمل على دفعها..
أن يكون لي أحباء في العمل ابغى ترقيتهم.. وفي سبيل ذلك أفعل كل ما يمكن لتعطيل نظرائهم.. بكل السبل من تقديم العمل ناقص لإحراجهم..
إن تعدى بالضرب والإهانة على المدير فالأمر لن يخرج عن بضعة أيام خصم.. ولكن بالطبع سوف يفكر المدير مليا قبل توجيه أية توجيهات لا تروق لسعادة الموظف.. بالطبع إلا لو كانت عائلة المدير أشرس من عائلة الموظف.. فالكفة تتبنى نتيجة مختلفة لميزان القوى..
سنوات وسنوات تمرن فيها صغار الموظفين على كيفية إدارة الامور من تحت ومن الدهاليز.. تمرنوا ومرنوا الجدد على سياق معين للعمل.. فلا إنتماء لمكان العمل.. ولا رغبة حقيقية في تنمية هذا المكان..
سنوات وسنوات أصبح يمكن فيها ان تعرف المؤسسة كاملة عن موظف "لا كبير له" برغم كل المخالفات لم يخالف لائحة واحدة.. لان اللائحة قدمت له كل الدهاليز الممكن لإدارة فساده..
ربما كانت العلة انه لايسرق مواطن.. ولكنه تدرب على السرقة وسيتجه لما يخص المواطن بصورة مباشرة..
ربما لان لوائح العمل ليست بالصبغة الدينية؟؟ ولكن إدمان التعدى لن تمنعه أسوار التعاليم الدينية من تخطيها..
ربما لكراهيتة لمسمى الحكومة.. ولكن لديه الفرصة للقيام بواجبه وليصير ما يصير..
ربما لأن عموم البشر لم ترفض الفساد بشكل جدي..
سمعنا كثيرا عن علقة ساخنة من نصيب شاب وفتاة تبادلوا القبلات او العناق (والتي كانت بإرادتهم) ولكننا لم نسمع يوما عن علقة وفضيحة تلقاها موظف حكومي لطلبة رشوة من احد المواظنين..
ربما كانت كلمة انا مالي هى السبب؟؟ ربما لأن الشكوى لا تفيد.. وكثيرا ما تكون المخالفات بعلم ومقاسمة رئيسه..
هل لأنه ليس هناك الوقت أصلا للشكوى.. بماذا سوف يعاقب موظف (إن ضرب مديره فالعقوبة مجرد خصم) على التباطؤ أو الخطأ في العمل.. ناهيك عن الآتي.. أولا لا توجد معايير حقيقية لتقييم العمل من الأساس.. ثانيا في حالة الكذب فباقي الموظفين متطوعين مقدما بالشهادةالزور.. حيث أن الزمالة هى أحدث صور القبلية..أى أن تكملة السيناريو أن أعود مرة أخرى لأستجدي مصلحتي من موظف موتور من شكواى..
كلما عادت لذهني تفاصيل جديدة فهذه المقالة موضع "الفضفضة" بها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق