الأربعاء، 24 مايو 2017

ليس عتيق قبل الطريق

كم من مرة تتثبت أنظارك وحواسك أمام عازف ماهر تحفظ آلته أصابعة أكثر مما يحفظها هو.. تراه يعزف وقد تطوعت له الآله بكل طاقتها لتترجم له ما جادت به روحه واحساسه..
أو ربما أمام طبيب محنك تراه يترجم ويقرأ ما عجز الكثير من أقرانه قبلا منه في فهم آلام المريض.. أو محامى يخضع له المنطق ويرمى امامك بإلتفافات لم يتمرن عقلك من قبل على اللحاق بها..
كم من مرة تعلقت أفكارك بذاك المثل ووجدت في داخلك ميلا نحو ذلك المجال.. أنك تسطيع أن تكون مثله وتتعلق بتلك الغاية وتبدا بالفعل في شراء آله مثلها أو أن تبدأ القراءة في المجال القانوني حتى تستطيع أن تكون محنكا وماهرا مثل ذاك المحامي..
ولكن ما أن تبدأ الطريق حتى تجد الوقفات الآتية في الأغلب..
في اليوم الأول إصرار ومثابرة عجيبة الشكل حتى أنك تقول لذاتك واخيرا وجدت ضالتي وعرفت ذاتك المجال الخفي عني والذي سوف أجد فيه نجاحى وتتحقق .
تجد ان تحقق خطوات ملحوظة في الساعات الأولى لتعلم هذا المجال أو هذه الدراسة.. حتى أن تستقطع من أوقات نومك ومن روتين حياتك اليومي..
لكن سرعان ما يوما فيوما يعيد روتين الحياة اليومي إلحاحه عليك ليستقطع تدريجيا من ذاك المجال إلى أن يعود مكانه في حجرة الكراكيب..
العجيب أنك كل فترة تجد مجال جديد يستهويك أو أمر جديد تهتم به.. السيارة.. الكلب.. مهنة النجارة.. أبحاث الفضاء..
وتتناسى دوما أن أى شخص مما تراهم أصبحوا في أوج الإحترافية لم ينشأو هكذا.. بل تنازلوا عن الكثير والكثير حى يصلوا لتلك المرحلة..
وليس في تعلم المهارات وحسب..
حتى في حياة الخطيئة.. لن تستطيع ان تنال ما يناله القدامى في هذه المسارات في لحظات بسيطة.. هم أيضا ساروا طريقا حتى وصلوا لتلك المرحلة من تجرع الملذات الفانية..
نحاول دوما أن نتقمص دور النهاية دون دفع الثمن ومعايشة الطريق بأكمله.. نحاول دوما أن نتهرب من مصاعب الطريق بالظن أنه يمكننا دوما إختصاره..
مهارته هذه التي تراها هى حصيلة الزمان.. هى كنز عتيق مرت عليه الأيام والصعوبات والإخفاقات.. مرت عليه خبرات مركبة.. نفسيات متعاقبة وحالات متناقضة.. مرت عليه سنينا مسلحة بالعزيمة أعمدة وقواعد..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق