الجمعة، 9 يونيو 2017

بيت العز

لم أكن أدرى لما كنت مستيقظة مبكرا دون داعي واضح.. فأنا لم أسهر كعادتي بالأمس ولا لدى مواعيد مبكرة تستدعيني للنهوض بهذه الصورة.. ولكنى لم استسلم لسريري سوى لحظات ههمت بعدها باخذ حمامي الصباحي لأستعد لمواجهة يومي الجديد والذي لا أظنه يفرق كثيرا عن مثيله من الأيام..
انا فتاه عادية وحياتي عادية واحاول جاهدة ان اكملها عادية رغم كافة انواع المعاناة التي تحاول ممارسة هوايتها لتمزيقي..
لم ابلغ السادسة عشرة بعد وإن كان ما عاينت بل وعانيت في الحياة يجعلني أكبر من ذلك بكثير..
لست أدرى ماهو سبب تبكيري في القيام اليوم ولكن ما أتذكره البارحة تفكيري الطويل في علاقتي بوالدىّ..
اسئلة كثيرة تحاوطني عن علاقتي بهما.. وهل هى العلاقة المثلى؟؟ وأى مثالية في علاقة لا حوار فيها.. لاأستطيع أن أبوح فيها بمشاعري متجرده دون خوف.. لا أستطيع أن أتحدث دون حسابات عميقة ومعقدة لكل كلمة أقولها.. أنا كفتاة استمتع كثيرا بالتحدث.. أستمتع بتكوين كل كلمة على لساني تقابل إحساس ما بداخلي.. الخوف المبالغ فيه يكبت مشاعري داخلي ويجعلني كالحبيسة.. حتى أصبح هو ملاذي للتعبير عما بداخلي.. او ان اتحدث غلى صديقة او صديق..
كثيرا ما يأتيني التفكير في مقابلتي بالمستقبل.. أريد أن اعرف عن مستقبلي وأقابل شخصيتي بعد عشرون عاما مثلا.. نعم أريد أن أقابلني و أسألني عن مستقبلي..
ولكن لما دوما تلك الصورة التي أتخيلها أجدها تنظر لي نظرة عدم رضا.. نظرة عتاب وتخوف.. نظرة عميقة بعمق فجوة السنوات بيننا..
أتحير دوما لما لا أجد صورتي في المستقبل باسمه منتصرة على عناء السنين..
هل معنى تخيلي تلك الصورة أني سأظل مستسلمة لتلك الضغوط ولا يتغير حالي ولا حال والدي وحال المجتمع بأسره..
كم تمنيت أن أقابلني في جلسة مريحة أستطلع مني فيها عن الوقت الذي ستنهار هذه العقبات امامي فيه.. متى يشعر والدىّ بالفخر من جهتي ومتى يؤمنون بي ومتى ينفذون لي كافة طلباتي ورغباتي..
متى يدركون حقوقي كاملة ويوفرون لي عيشا رغدا بلا أى توفير في النفقات يكون عبئه عليا وحدي..
متى يغيرون طريقة تعاملهم معي.. يقللون من وتيرة العصبية والشجار والأوامر الصارمة التي لا هوادة في إتمام تنفيذها ولا في نبرة الصوت الموجهة بها..
أحاول إكمال يومي باقل إحتكاك مع أمي حتى لا تطلب مني طائل من الأعمال المنزلية التي تضيع بها وقتي الثمين والذي أقضيه في ممارسة هواياتي الرفيعة او حتى على وسائل التواصل الإجتماعي..
يمر والدي من أمام حجرتي متعجبا من إستيقاظي المبكر دون جدوى فهو قد إعتاد أن وسيلة إيقاظي صارت الصياح نجوى حتى اقوم مرتعبة من فرط الغلظة لأقضي ساعاتي الاولى محاولة التخلص من توتري هذا..
 لم يكن الصياح هو استخدامه الأمثل لإيقاظى فقط.. بل كان وسيلته الوحيده تقريبا لتوجيهي ونصحي وحمايتي وتعبير عن الحب.. يكاد يكون الصياح والصوت العالي المدوى والعينان اللاتى يكاد يكون لهما ضجيجهما الخاص..
 لا أدرى ما كانت ستبدو عليه الأمور إن إختلف اسلوبهما معى.. إن كان الكلام فيه تفاهم أكثر..
 أو قبول لذاتى وقدراتي وأنى لست بالسوء الذي يرونه فى..
 يمر اليوم عاديا ويمر مثيله وشبيهه وكان الحلم يراودنى أكثر فأكثر وأتمنى أن أقابل صورتي المستقبلية.. حتى أسألها عن نظرات العتاب تلك.. هل يحاول عقلي الباطن ان ينبهنى لنتيجة اسلوب عيشي.. وكم سيكون مؤثرا على حياتي مستقبلا.. بشكل أكون نادمة عليه.. حتى انى اعاتب ذاتى عل فترة المراهقة.. هل عدم تحملي المسئولية وإصراري على العيش معاندة لكافة أوامر والدى هى إستقلالية ونضوج؟؟!

كثيرا ما يراودني صوت بعض العقلاء من بنات أفكاري.. عن حجم الأتعاب التي يقاسيها أبي وأمي من أجلي..
أعلمها جميعا وأراها رؤى العيان يوميا.. ولكن الغلظة الشديدة وعدم التفاهم صارا حاجزا عن الرؤية.. فتفتر الصورة يوما فيوما ولا يصير أمامي سوى الغلظة الممسكة بسوط عدم التفاهم وسيف عدم الإيمان بي..

أخشى كثيرا ان يتحقق التلاقي مع صورتي المستقبلية واسمع منها الكثير المرهق لتفكيري.. اخشى كثيرا ان اعرف منها اني كنت على خطأ كل ذلك الوقت.. اخشى أنها تخبرني أني كان بيدي الحلول طيلة الوقت ولم أقدم عليها..
أخشى يوم أن أصير أنا الصورة المستقبلية وأتمنى ان احذر ماضىّ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق